ذكاء اصطناعي

حدود الطب تنهار.. حيوانتك المنوية تقودها روبوتات

محمد كمال
محمد كمال

3 د

كشف علماء هولنديون عن تطوير "روبوتات الحيوانات المنوية" باستخدام تقنية الجزيئات المغناطيسية.

تُمكِّن هذه التقنية من توجيه الحيوانات المنوية عن بُعد داخل نموذج اصطناعي لجهاز تناسلي.

يفتح الابتكار آفاقاً جديدة لعلاجات العقم ومشاكل الخصوبة بالعلاجات المجهرية.

المتابعة بالأشعة السينية توفر رؤية دقيقة لحركة الخلايا في الجهاز التناسلي.

التطور يتطلب تجارب سريرية موسعة قبل استخدامه الفعلي في العلاج الطبي.

في خطوة تبدو وكأنها استُلهمت من عالم الخيال العلمي، كشف علماء هولنديون عن تطوير “روبوتات الحيوانات المنوية” الصغيرة، حيث يمكنهم الآن توجيهها عبر نموذج اصطناعي لجهاز تناسلي أنثوي ومتابعة حركتها بشكل فوري باستخدام الأشعة السينية. هذا التقدم يفتح الباب أمام علاجات مبتكرة في صحة الإنجاب لا تخطر على البال.

قد تتساءل: ما المقصود أصلاً بروبوت الحيوانات المنوية؟ الأمر ببساطة أن فريق البحث، بقيادة الدكتور إسلام خليل من جامعة توينتي، استعان بخلايا حيوانات منوية للثيران وغطّاها بجزيئات مغناطيسية صغيرة جداً. بفضل هذه التقنية، أصبح بالإمكان التحكم بحركة كل خلية على حدة من خارج الجسم باستخدام حقل مغناطيسي، ومتابعتها وهي تسير بثقة في الممرات الميكروية لجهاز تناسلي مشابه للجسم البشري. وتكمن الأهمية هنا في أن العلماء لم يختبروا الأمر بعد على كائن حي حقيقي، لكنهم أثبتوا صحة الفكرة في نموذج ثلاثي الأبعاد دقيق.


الطب التناسلي عند مفترق طرق: ماذا يعني التحكم عن بعد في خلايا منوية؟

وهذا التوجه يحرك المياه الراكدة في تطوير وسائل تشخيص العقم ومشاكل الخصوبة. فالمبدأ أن الروبوتات المجهرية، أو ما يُسمى تقنياً "الميكروبوتات"، يمكن أن تنقل أدوية دقيقة إلى مناطق شبه مستحيلة الوصول بجهاز المرأة التناسلي، كقنوات فالوب أو تجويف الرحم، ما قد يغير طرق علاج أورام بطانة الرحم أو الألياف الرحمية. عبر الدمج بين السيطرة المغناطيسية والرصد الفوري بالأشعة السينية، يحصل الأطباء على رؤية غير مسبوقة لمراحل انتقال الحيوان المنوي، وهو أمر لم يكن ممكناً حتى الآن باستخدام الخلايا الطبيعية وحدها. إلى جانب ما سبق، تبين للفريق أن الجزيئات المغناطيسية لم تُظهر أثراً ضاراً عند اختبارها على خلايا بشرية، حتى بعد 72 ساعة متواصلة.

انتقالاً من هنا، يتضح أن دقة التوجيه والانسيابية في حركة تلك الميكروبوتات تفتح المجال لفهم كثير من أسرار العقم وأمراض الجهاز التناسلي. فقد عانى المختصون لفترة طويلة من العجز عن تتبع مسار الحيوان المنوي داخلياً في الوقت الحقيقي، وهو ما حدَّ في النهاية من نجاعة علاجات التخصيب المجهري وغيرها من التقنيات المتقدمة.


تقنيات واعدة وبراءات اختراع جديدة في الأفق

ولعل من اللافت للانتباه أن أبحاث الميكروبرات ليست بالجديدة تماماً، لكنها تسارعت في السنوات الأخيرة، خاصة مع الاستفادة من مواد كيميائية آمنة كالحديد المغناطيسي. عالمياً، تسعى فرق بحثية إلى برمجة هذه الروبوتات البيولوجية حتى تتفاعل مع المحيط الدقيق داخل أعضاء الجسم. من شأن هذا أن يحدث ثورة في علاج الأمراض المستعصية وتحسين نتائج عمليات الحقن المجهري وتشخيص ضعف الإخصاب عند الرجال. فمنذ عام 2020، يعمل فريق الدكتور خليل على تطوير تقنيات الدمج الدقيق بين بيئة خلية منوية حقيقية وطرف مغناطيسي خارجي، سعياً للوصول بأبحاث الصحة الإنجابية إلى آفاق جديدة.

أما أهمية المتابعة بالأشعة السينية، فهي تمنح الباحث القدرة على رصد التضاريس الداخلية لتجويف الرحم وقنوات فالوب بشكل حي، في حين تظل عمليات تتبع الحيوان المنوي الطبيعي محدودة بالأدوات البصرية والاختبارات خارج الجسم. هذه النقلة قد تجعل حتى أكثر الحالات المعقدة قابلة للفهم والمعالجة في المستقبل.

ذو صلة

ربطاً بكل ما سبق، يبقى الطريق طويلاً أمام اعتماد هذه الروبوتات في العمليات السريرية الفعلية، إذ ما زالت بحاجة لتجارب أوسع على الكائنات الحية وفحوصات سلامة صارمة. لكن المؤكد أن الأمل يزداد يوماً بعد يوم بإحداث نقلة نوعية في طب الخصوبة وعلاج الأمراض المزمنة في الجهاز التناسلي.

وأخيراً، إذا أخذت هذه الروبوتات الحيوية طريقها إلى المستشفيات يوماً ما، فقد نكون أمام منعطف حقيقي في فهمنا لكيفية حدوث الحمل، وأسرار انتقال الخلايا المنوية، وطرق علاج الكثير من أوجه العقم التي حيرت الأطباء والمرضى على السواء. إنها قصة علمية تعيد رسم حدود الممكن في عالم الصحة الإنجابية، مانحة ملايين الأزواج أفقاً جديداً من التفاؤل والانتظار.

ذو صلة