رحلة إلى أطلانتس الشرق: هرم غامض في أعماق مياه اليابان… هل كشف البحر سرّ حضارة ضائعة؟

3 د
تم العثور على هيكل غامض تحت الماء بالقرب من جزر ريوكيو اليابانية.
الدكتور كيمورا يعتقد أن البناء من صنع الإنسان ويعود لأكثر من 10,000 عام.
يعتبر بعض العلماء أن الهيكل تشكل طبيعيًا نتيجة عوامل جيولوجية.
"أطلانتس اليابان" يعزز النظريات عن حضارات قديمة متطورة مفقودة.
النقاش يحتدم حول إذا ما كان البناء دليلًا على حضارة مفقودة أم إبداع طبيعي.
عندما نسمع كلمة "أهرامات" تذهب أذهاننا مباشرة إلى مصر وحضارتها القديمة المذهلة. لكن تخيل أن هناك هرماً غامضاً، تحت سطح الماء، بالقرب من سواحل اليابان! لربما يصعب عليك تصديق ذلك، لكن دعنا نطلعك على التفاصيل التي ربما تغير فهمنا لتاريخ البشرية.
اكتشاف مفاجئ بالقرب من جزر ريوكيو
القصة بدأت منذ عام 1986 عندما عثر غواصون بالقرب من جزر ريوكيو اليابانية على هيكل حجري ضخم يثير التساؤلات، وهي منطقة قريبة من تايوان. هذا البناء الغامض والغارق تحت الماء يلقب اليوم بـ "معلم يوناغوني"، ويقع على عمق يبلغ 25 متراً تقريباً، وتصل ارتفاعاته إلى قرابة 27 متراً. الملفت أكثر هو شكله الذي يبدو متقناً إلى حد كبير، حيث يظهر كأنه هرم ذو مدرجات وزوايا مستقيمة وكأنه من بناء الإنسان.
لكن اللحظة الأكثر إثارة جاءت حينما أكد العالم الياباني الدكتور ماساكي كيمورا، بعد إجراء اختبارات جيولوجية، أن عمر الصخور التي يتكون منها هذا البناء يزيد عن عشرة آلاف سنة! إذا كان هذا البناء من صنع الإنسان بالفعل، فهذا يعني أن البشر الذين شيدوه قد عاشوا قبل الفترة التي غمرت خلالها المياه هذه المنطقة، منذ حوالي 12 ألف عام. وهذا التاريخ يسبق بآلاف السنين الحضارات التي نعرفها واعتدنا على الحديث عنها، مثل الحضارة المصرية القديمة وحضارة ستونهينج.
النقاش بين العلماء: من صنع الطبيعة أم الإنسان؟
هنا قد يتساءل البعض، هل هذا الهيكل المدهش طبيعي من صنع الطبيعة، أم أنه بالفعل من صنع حضارة بشرية قديمة مفقودة منذ عصر ما قبل التاريخ؟
الدكتور كيمورا يميل إلى الاعتقاد القوي بأن البناء تم على يد الإنسان، إذ يرى أن ارتفاع مستوى سطح البحر مع انتهاء العصر الجليدي الأخير أدى إلى غرق هذه المنطقة بالكامل. في تلك الحقبة من التاريخ، قبل 12 ألف عام، كان مستوى البحر أقل من الآن بـ120 متراً، أي أن هذه المنطقة كانت يابسة، تسمح لمجتمع بشري قديم ومتطور أن يشيد مثل هذه الهياكل بأريحية.
في المقابل، هناك خبراء آخرون يعارضون هذه الرؤية، أبرزهم الجيولوجي المعروف الدكتور روبرت شوش من جامعة بوسطن. شوش يعتقد أن ما يبدو زوايا مستقيمة ومدرجات واضحة ليست سوى نتيجة لتكسر طبيعي للصخور بسبب العمليات الجيولوجية الطبيعية مثل الزلازل وعوامل التعرية. ويؤكد شوش أنه بالرغم من روعة هذه التشكيلات وغرابتها، فمن المحتمل جداً ألا تكون أكثر من مجرد ظاهرة طبيعية.
"أطلانتس اليابان": أسطورة تفرض نفسها
كون البناء موجودًا تحت الماء، وفي موقع ذو قِدَم تاريخي استثنائي، فقد دفع بمحبي الأساطير والخرافات إلى تسميته "أطلانتس اليابان"، كمدينة أو حضارة متطورة ربما غرقت وفقدت للأبد. الكاتب الشهير غراهام هانكوك هو أحد أبرز الكتاب الذين يعتقدون بوجود حضارات بشرية شديدة التقدم سبقت الحضارات التي نسميها "قديمة"، ويرى أن معلم يوناغوني قد يكون دليلاً قوياً على صحة هذه النظرية.
مقارنة مع مواقع أثرية شهيرة
إذا أثبت العلماء فعلياً أن هذا البناء من صنع بشري، فسيكون هذا منعطفاً هائلاً لإعادة النظر في تاريخ الحضارات البشرية. معلم يوناغوني قد يتوافق زمنياً مع موقع قديم آخر مشهور عالمياً: "غوبيكلي تيبي" في تركيا، وهو موقع أثري يعود تاريخه إلى حوالي 9500 قبل الميلاد. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن البشر في تلك الحقبة كانوا، على عكس ما كنا نتوقع، قادرين على بناء هياكل معمارية ضخمة ومتقدمة بالفعل.
أسئلة لا تزال عالقة
حتى اليوم، يبقى الجدل ساخناً بين العلماء؛ هل سنجد أخيراً دليلاً قاطعاً يؤكد نظرية الحضارة المفقودة، أم أننا في النهاية نشاهد ببساطة إبداع الطبيعة الجيولوجية؟ الحقيقة أنه ما زال هناك الكثير جداً لاستكشافه وفحصه لعلنا نتمكن من الوصول إلى إجابة قاطعة.
ولكن أياً كانت النتيجة، فما هو مؤكد أننا أمام اكتشاف مثير للاهتمام، سيفتح باباً واسعاً لمزيد من البحث والدراسة والتفكير العميق حول تاريخ البشرية القديم، وربما يجعلنا ننتبه بعيون جديدة لما تتضمنه أعماق المحيطات والبحار من أسرارٍ مذهلة تنتظر من يكتشفها.