سباق الحوسبة الكمية يشتد بين عمالقة التكنولوجيا: Google وMicrosoft وغيرهم في صراع للوصول إلى المستحيل

3 د
تشتد المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا لتطوير حواسيب كمية قابلة للتطبيق العملي، لكن لا تزال هناك تحديات كبيرة تتعلق باستقرار البتات الكمية وتصحيح الأخطاء.
نجحت غوغل في تقليل معدل الخطأ عند زيادة عدد البتات الكمية، ما قد يسهم في تطوير حواسيب كمية أكثر استقرارًا.
طورت أمازون شريحة "Ocelot" التي تقلل نسبة الخطأ بنسبة 90%، بينما تسعى مايكروسوفت إلى تحقيق تقدم باستخدام "البتات الطوبولوجية".
لا يزال من المبكر تحديد من يقود السباق، حيث تتبنى كل شركة نهجًا مختلفًا تمامًا في التعامل مع تحديات الحوسبة الكمية.
يشهد مجال الحوسبة الكمية تطورات متسارعة، مع تصاعد المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا مثل أمازون، غوغل، آي بي إم، ومايكروسوفت، الذين يسعون جاهدين لتطوير حواسيب كمية قادرة على إحداث ثورة في مجالات عدة، من اكتشاف العقاقير إلى فك التشفير المعقد.
السباق نحو مستقبل الحوسبة الكمية
أعلنت كبرى شركات التكنولوجيا مؤخرًا عن تقدمات جديدة في تطوير الرقائق الكمية التجريبية، في محاولة للوصول إلى مرحلة الحوسبة الكمية العملية القادرة على أداء عمليات حسابية تتجاوز حدود الحوسبة التقليدية.
لكن على الرغم من هذه الطفرات، لا تزال هناك عقبات تقنية كبيرة تعترض طريق تحول الحوسبة الكمية إلى واقع تجاري فعال. فالبتات الكمية (Qubits) تُعرف بعدم استقرارها، ما يستلزم بيئات خاصة للغاية مثل درجات حرارة فائقة البرودة وإضاءة منخفضة لتقليل الأخطاء الحسابية، وهو ما يجعل تطويرها تحديًا هندسيًا هائلًا.
نهج الشركات الكبرى في الحوسبة الكمية
مايكروسوفت: تقنية "Majorana 1" والبتات الطوبولوجية
كشفت مايكروسوفت عن شريحتها الكمية "Majorana 1"، التي تعتمد على بتات كمية طوبولوجية أقل عرضة للأخطاء وأكثر استقرارًا، ما قد يسرع تطوير الحواسيب الكمية الكبيرة من عقود إلى سنوات.
تعتمد هذه التقنية على "حالة جديدة من المادة"، مما يسمح للبتات الكمية بتخزين المعلومات عبر الشبكة بأكملها، ما يقلل من احتمال فقدان البيانات عند حدوث خطأ.
لكن وفقًا للخبراء، فإن هذا النهج لا يزال يثير تساؤلات داخل المجتمع العلمي حول مدى فاعليته، خاصة أن مايكروسوفت لم تقدم بعد إثباتًا عمليًا حاسمًا على إمكانية تطبيقه على نطاق واسع.
غوغل: "Willow" والاختراق الكبير في تقليل الأخطاء
أعلنت غوغل عن شريحتها الكمية الجديدة "Willow"، التي تستطيع – وفقًا للشركة – حل مسائل معقدة في خمس دقائق فقط، مقارنةً بأسرع الحواسيب الفائقة التي قد تستغرق 10 سكستيليون سنة لحلها.
إحدى أهم التطورات التي أحرزتها غوغل هي اختراق مشكلة زيادة معدلات الخطأ مع ازدياد عدد البتات الكمية، حيث تمكنت من قلب هذه الظاهرة من خلال تقنية تسمح بإضافة المزيد من البتات الكمية دون زيادة معدلات الخطأ، وهو إنجاز يُعتقد أنه قد يفتح الباب لتطوير حواسيب كمية أكثر استقرارًا وقابلية للاستخدام العملي.
أمازون: "Ocelot" والتركيز على الحوسبة السحابية
كشفت أمازون ويب سيرفيسز (AWS) عن شريحتها "Ocelot"، التي تركز على تقليل الأخطاء الحسابية بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالأساليب التقليدية، وفقًا لما ذكرته الشركة.
تعتمد الشريحة على تقنية "البتات القطية" (Cat Qubits) المستوحاة من تجربة شرودنغر الشهيرة، إلى جانب عناصر تصحيح أخطاء متقدمة يمكن تصنيعها باستخدام تقنيات أشباه الموصلات التقليدية.
آي بي إم: "Condor" ومقاربة التدرجية المعيارية
لطالما كانت آي بي إم رائدة في مجال الحوسبة الكمية، وقد قدمت العديد من الابتكارات، من بينها الحاسوب الكمي التجاري الأول "Q System One" في عام 2019.
يعد معالج "Condor" أقوى معالجاتها حتى الآن، حيث يضم أكبر عدد من البتات الكمية، لكن استراتيجيتها الحالية تركز على تحسين جودة العمليات الكمومية وتقليل معدلات الخطأ، بدلًا من مجرد زيادة عدد البتات.
من يقود السباق؟
يرى الخبراء أن الشركات تتبع استراتيجيات مختلفة تمامًا، مما يجعل من الصعب تحديد من يتصدر السباق. ففي حين أن أمازون، غوغل، وآي بي إم تعتمد على بتات كمية فائقة التوصيل، فإن مايكروسوفت تتبنى نهجًا مختلفًا تمامًا يعتمد على "أنماط ماجورانا".
يعتقد سانكار داس سارما، أستاذ الفيزياء النظرية في جامعة ميريلاند، أن شريحة "Majorana 1" إذا نجحت في العمل كما تدّعي مايكروسوفت، فقد تكون أقل حاجة لتصحيح الأخطاء مقارنة بالأنظمة التقليدية. لكن حتى الآن، لا يزال من المبكر الحكم على مدى تفوق أي من هذه الأساليب.
ويحذر بعض الخبراء من أن الضجة الإعلامية حول هذه التطورات قد تؤدي إلى تضخيم التوقعات بشكل قد يخلق خيبة أمل مستقبلية، إذا لم تتحقق الإنجازات الموعودة في إطار زمني معقول.