ذكاء اصطناعي

صناعة الموسيقى في مواجهة الاحتيال: هل تسيطر تقنيات الذكاء الاصطناعي على المشهد؟

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

استحوذت الموسيقى المُنشأة عبر الذكاء الاصطناعي على اهتمام واسع في الآونة الأخيرة.

أفادت منصة ديزر أن 70% من الاستماعات لموسيقى الذكاء الاصطناعي تتم عبر الاحتيال.

هذا الاحتيال يتم باستخدام برمجيات تستمع للمقاطع مراراً وتكراراً لكسب أرباح غير شرعية.

تعمل منصة ديزر على تطوير إجراءات لمكافحة المحتوى الموسيقي المزيف بكفاءة عالية.

تيبو روكو يؤكد على ضرورة الاستثمار في كشف الاحتيال لحماية حقوق الفنانين الحقيقيين.

في زمنٍ باتت التكنولوجيا تقتحم فيه كل جانبٍ من حياتنا اليومية، استحوذت الموسيقى المُنشأة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي على اهتمام واسع، لكن الأمور ليست دائماً بالبساطة التي تبدو عليها. فبحسب تقريرٍ حديث نشرته منصة ديزر الفرنسية للموسيقى، فإن حوالي 70% من الاستماعات للمقاطع الموسيقية التي أُنشئت عبر الذكاء الاصطناعي تتم عبر عمليات احتيال باستخدام برمجيات (بوتات) تُشغل المقاطع مراراً وتكراراً للحصول على عائدات مالية غير شرعية من حقوق الملكية الفنية.

ورغم أن الموسيقى التي يصنعها الذكاء الاصطناعي لا تشكل إلا نسبة صغيرة جداً (0.5%) من مجموع الاستماعات عبر منصة ديزر، إلا أن نسبة الاحتيال المرتبطة بها مقلقة للغاية؛ حيث تؤكد الإحصائيات أن سبع استماعات من أصل كل عشر من هذا النوع مزيفة وموجهة بشكل مخادع. وتعتمد هذه الأساليب على استخدام حسابات وهمية وبرامج تشغيل آلي (بوت) تستمع باستمرار لآلاف المقاطع المصطنعة من أجل تحقيق أرباح مضاعفة من حقوق النشر، وذلك بدفع من قراصنة محترفين ومنظمين يهدفون للربح على حساب الفنانين الحقيقيين.

هذه النتائج تؤكد أن المنصات الفنية تواجه تحدياً حقيقياً مع تزايد اعتماد الشركات الناشرة والمستخدمين على تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنتاج أعمال موسيقية مزيفة، بعضها يحاكي أنواعاً شعبية مثل البوب أو الراب، وبعضها الآخر يقدم أصواتاً لخلق أجواء ومزاجات مصطنعة. وبحسب المنصة، يُرفع يومياً على ديزر نحو 20 ألف مقطع موسيقي جديد من إنتاج الذكاء الاصطناعي، ما يشكل حوالي 18% من إجمالي المحتوى الجديد المرفوع إليها وهو رقم بارز يكشف ضخامة الاستخدام المتزايد للتكنولوجيات الإبداعية الاصطناعية.

ولمواجهة هذا الأمر، تعمل إدارة ديزر حالياً على إجراءات صارمة وإمكانات متقدمة لكشف المحتوى المزيف بنسبة نجاح تصل لـ100%، خصوصاً من النماذج الشهيرة مثل "سونو" و"أوديو"، كما بدأت المنصة باستبعاد هذه المحتويات من اقتراحاتها التلقائية وبالتالي حرمان المجرمين من أرباح الاستماعات غير الشرعية.

ويحذر تيبو روكو، وهو مدير قسم العائدات والتقارير لدى ديزر، من المخاطر قائلاً: "طالما بقيت هنالك أرباح مالية من وراء هذه الاستماعات الاحتيالية، سيستمر القراصنة في تطوير أساليبهم للحصول على هذه الأموال. لذلك نجد أنفسنا مضطرين للاستثمار بشكل كبير في التصدي لهذه الظاهرة والحرص على التقدم خطوة على الأقل أمام المحتالين باستمرار". ويأتي حديثه في سياق تأكيد التقارير العالمية الصادرة عن الاتحادات الفنية والتي أبرزت أن مثل هذا الاحتيال يأخذ أموالاً من الفنانين الحقيقيين، وشكل تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي أرضية خصبة لتصاعد هذه الظاهرة بشكل كبير.

ذو صلة

الجدير بالذكر أنه تم اتهام موسيقي أمريكي يدعى مايكل سميث مؤخراً في قضية مشابهة، حيث تورط في إنشاء مئات آلاف المقاطع الموسيقية عبر أنظمة الذكاء الاصطناعي وتكرار استماعها مليارات المرات عن طريق حسابات مزيفة، ما مكنه من الاستيلاء على ما يزيد عن 10 ملايين دولار أمريكي من حقوق الملكية والنشر.

عنصر الجدية في هذه التقارير يؤكد أن منصات البث الموسيقي ستحتاج مزيداً من تقنيات كشف الاحتيال المطورة والتنسيق الدولي المتزايد لمحاصرة هذه الظاهرة. ومع ذلك، فإن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هو عن مسؤولية جمهور المستمعين أنفسهم في مساعدة المنصات عبر الانتباه بشكل أفضل لما يستمعون إليه. وربما يكون من المفيد أيضاً زيادة وعي الجمهور بالتمييز بين محتوى حقيقي وآخر مزيف، كي لا تتضرر حقوق الفنانين الذين يشكلون أساس الصناعة الموسيقية.

ذو صلة