ذكاء اصطناعي

فايرفلاي تحلّق أعلى من الحلم… وبلو غوست تترك بصمتها على القمر

فريق العمل
فريق العمل

4 د

نجحت "فايرفلاي إيروسبيس" في هبوط مركبة "بلو غوست" بسلاسة على سطح القمر.

واجهت المركبة مفاجآت عديدة، بينها حرارة أعلى مما توقع العلماء.

انعكاسات أشعة الشمس من فوهة قمرية زادت من تحديات المهمة.

ابتكر المهندسون حلولًا ذكية لضمان استمرار التواصل وحماية الأجهزة.

رغم الصعوبات، تخطط فايرفلاي لتطوير قدرات جديدة لمهامها المستقبلية.

نجحت شركة "فايرفلاي إيروسبيس" مؤخرًا في إنجاز مهمة رائعة إلى سطح القمر استطاعت من خلالها تحقيق العديد من الإنجازات المذهلة والمفاجئة في الوقت ذاته. وبينما كانت الأنظار متركزة على اللحظة التاريخية لهبوط مركبة "بلو غوست" على سطح القمر في 2 مارس 2025، فإن المفاجآت كانت بانتظار العلماء بصورة لم يتوقعوها على الإطلاق.


لحظات عصيبة ومهمة متقنة

بدأت القصة بلحظات عصيبة، حيث استرجع المدير التنفيذي للشركة جيسون كيم مشهد هبوط المركبة:


"بصراحة لو كنت ارتديت جهازًا لقياس دقات القلب، لكان أظهر أرقامًا استثنائية"

وأضاف كيم بسرور واضح:


"لكنني كنت على يقين تام من قدرات هذا الفريق الرائع"

وفعلاً، نجحت المركبة الفضائية في الهبوط بسلاسة متقنة بمنطقة "ماري كريسيوم" على سطح القمر.

كان وراء هذا النجاح الباهر، حسب كيم، تصميم دقيق يعتمد على تكنولوجيا محركات متطورة أنتجتها الشركة بنفسها، ودراسات متعمقة لخصائص المركبة كتوزيع الوزن ومعرفة مركز الثقل فيها، الأمر الذي ساعد في ضمان هبوط ناجح ودقيق، وتعزيز الثقة في التجهيزات والقدرات الهندسية للمهمة.


تحديات القمر: حرارة تفوق التوقعات

وعقب الهبوط الناجح مباشرة، بدأت المركبة في نشر معداتها العلمية التي كانت بصحبتها، وعلى رأسها أدوات الاستكشاف والبحث العلمي، لكن المفاجأة الأبرز كانت ارتفاع درجات الحرارة على سطح القمر إلى مستويات غير متوقعة أبدًا.

وأوضح كيم هذا الأمر قائلاً:


"في الواقع، لم يحدث سابقًا أن نفذت مهام بمنتصف نهار اليوم القمري"

مضيفًا:


"تبين لنا أن درجة الحرارة أعلى بكثير مما أشارت إليه جميع النماذج النظرية السابقة. اكتشفنا أن الحرارة تبدأ مبكرًا وتستمر لفترات أطول من المتوقع"

وأظهر هذا الاكتشاف المهم مدى أهمية أخذ هذه المعطيات الجديدة في الاعتبار في رحلات استكشافية قادمة.


انعكاسات غير متوقعة من أشعة الشمس

لكن الحرارة الشديدة لم تكن فقط نتيجة التعرض المباشر لأشعة الشمس، بل تفاجأت فرق الخبراء بمصدر غير متوقع للحرارة، حيث هبطت المركبة بالقرب من فوهة كبيرة كانت جوانبها تعمل كمرآة تعكس أشعة الشمس. ويشرح كيم هذه الظاهرة مؤكدًا: "لم نكن نعرف أننا سنهبط قرب حفرة بهذا الحجم. بالإضافة إلى الحرارة المباشرة من الشمس، كان هناك انعكاس حراري مرتفع من الجوانب الخلفية للفوهة جعل درجة حرارة المركبة أعلى بكثير من المتوقع".

وتسبب هذا التحدي الجديد في الضغط على أنظمة المركبة الحرارية واختبار قدراتها إلى حدودها القصوى، وهو ما أحدث فارقًا كبيرًا في فهم ظروف العمل على سطح القمر، وساعد الفرق على وضع خطط أكثر استعدادًا مستقبلاً.


تقنيات مبتكرة وحلول إبداعية

وكرد فعل سريع لهذه التحديات، توصل مهندسو المهمة إلى حلول ذكية لضمان سلامة المعدات والتجهيزات الضرورية، منها استخدام "هوائي متحرك" خاص ساعد في حماية أجهزة الاتصالات من الحرارة الشديدة، ما سمح باستمرار التواصل مع الأرض دون أية انقطاعات. وأشار الفريق إلى هذا كدليل واضح على قدرة الفرق الهندسية على ابتكار حلول إبداعية تحت ضغط الظروف الخارجية.


الحفر على سطح القمر ومفاجآت الصخور العنيدة

ومن النقاط المهمة أيضًا كانت تجربة أداة الحفر المسماة "ليستر"، وهي جهاز خاص مجهز لاختراق سطح القمر إلى عمق 10 أقدام تقريبًا، إلا أن المفاجأة كانت حاضرةً كذلك، حيث استطاع الحفر أن يصل لمسافة ثلاثة أقدام فقط. وأرجع العلماء ذلك إلى تكوينات صخرية قاسية لم تكن في الحسبان قبل المهمة. وفي هذا الصدد أكد كيم: "تعلمنا الكثير مما لم نكن نعرفه من قبل".


تجارب الليل القمري الباردة ونتائج مبشرة

كما تمكنت مركبة "بلو غوست" من الصمود خلال الليل القمري القارس البرودة، والذي شكّل اختبارًا قاسيًا لأنظمة الطاقة بالمركبة. اللافت كان تشغيل بضعة أجهزة علمية تابعة لناسا خلال تلك الفترة، وأضاف كيم أن جهاز "ليستر" كان الجهاز الصامد للنهاية، ذاكرًا:


"كان ذلك أبرز إنجازاتنا خلال الليل القمري"


آمال كبيرة في المستقبل

ذو صلة

ويؤمن كيم وفريقه بأن كل ما تعلموه من هذه المهمة سيشكل أساسًا متينًا لتطوير قدرات جديدة تضيفها الشركة في مهماتها القادمة. حيث تخطط الشركة لزيادة إمكانيات مركباتها في المستقبل، وإضافة معدات تصوير متقدمة للحصول على صور دقيقة وعالية الجودة من سطح القمر. وعلق جيسون كيم بحماسة وفخر: "بكل ثقة، يمكننا القول إننا مستمرون ولن نتوقف".

بلا شك، هذه النجاحات والتحديات التي رافقت مهمة "بلو غوست" من "فايرفلاي إيروسبيس" قدمت لنا صورة أوضح وأكثر دقة عن بيئة سطح القمر، ومهدت الطريق لإطلاق مهام استكشافية واسعة الطموح خلال السنوات القادمة، مما يفتح المجال لمزيد من الابتكارات والاكتشافات العلمية القيمة في المستقبل القريب.

ذو صلة