ذكاء اصطناعي

هل بدأ عصر الطاقة الخارقة؟ 200 ليزر يغيّرون قواعد الفيزياء إلى الأبد!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

حقق مختبر لورانس ليفرمور إنجازًا غير مسبوق في تجارب الاندماج النووي.

استُخدم 192 شعاع ليزر لتحويل كبسولة وقود إلى مصدر طاقة هائل.

الهدف هو تحويل التجارب إلى نظم توليد طاقة عملية وفعّالة.

شركة Inertia تسعى لبناء ليزر أصغر وأقل تكلفة لإنتاج الطاقة.

تعد طاقة الاندماج بالكهرباء النظيفة وتقليل الانبعاثات الكربونية.

في إنجاز علمي غير مسبوق، أعلن علماء من مختبر **لورانس ليفرمور الوطني** في كاليفورنيا عام 2022 أنهم تمكنوا لأول مرة من تحقيق ما يُعرف بمرحلة "الاشتعال" في تجارب **الاندماج النووي**. هذه الخطوة وُصفت بأنها حجر الأساس نحو مستقبل يعتمد على طاقة نظيفة وعملياً لا محدودة.

فريق العلماء استخدم 192 شعاع ليزر فائق القوة لتسليطها على كبسولة وقود دقيقة، ما حولها في لحظات إلى ما يشبه فرنًا بدرجة حرارة تصل إلى ثلاثة ملايين درجة مئوية. تحت هذا الضغط الحراري الفائق، انهارت الكبسولة على نفسها مطلقة طاقة هائلة، وهو ما يُعتبر الشرارة التي طالما حلم بها الفيزيائيون.
وهذا يفتح الطريق نحو نقلة نوعية في إنتاج الطاقة إذا ما أمكن رفع الكفاءة وتحويل التجارب إلى أنظمة توليد عملية.


من المختبر إلى السوق


رغم عظمة الاختراق، ظل التحدي الأكبر ماثلًا: الكمية الفعلية للطاقة المستهلكة من الشبكة الكهربائية لتشغيل الليزر ضخمة جدًا مقارنة بما أُنتج من اندماج. وهنا يأتي دور الشركات الناشئة التي تحاول سد هذه الفجوة.
ومن أبرز هذه المحاولات شركة جديدة تحمل اسم **Inertia** في منطقة خليج سان فرانسيسكو، والتي أسسها عالمان من مختبر ليفرمور بمشاركة أستاذ في ستانفورد ورجل أعمال تقني. طموحهم هو تحويل التجربة من مختبرية إلى محطات طاقة قادرة على مد المنازل والمدن بالكهرباء.
وهذا يربط بين نجاح المختبر التاريخي اليوم والرؤية التجارية المستقبلية التي قد تعني تحولًا جذريًا في البنية التحتية للطاقة.


سباق الليزر والوقود


الخطة الأولى للشركة تتمثل في بناء ليزر هو الأقوى عالميًا، لكن بحجم أصغر وبتكلفة أقل من النظام الحكومي المستخدم في المختبر. في موازاة ذلك تعمل على تطوير مصانع قادرة على إنتاج كبسولات الوقود بكميات ضخمة وبتكلفة قابلة للتحمل.
هذا التطور يعني أن تقنية الاندماج لن تبقى حبيسة المخابر، بل قد تنتقل إلى خطوط إنتاج صناعية تشبه مصانع السيارات أو الشرائح الإلكترونية.
وهذا يقودنا إلى النقاش الأوسع: ما الذي يمكن أن تعنيه طاقة اندماج نووي متاحة للجميع؟


حلم الطاقة النظيفة


الاندماج النووي، أي اتحاد ذرتين خفيفتين لتشكيل ذرة أثقل، لطالما عُدّ "الكأس المقدسة" في عالم الطاقة. فهو يوفر كهرباء بلا انبعاثات كربونية تقريبًا، ودون مخاطر النفايات المشعة طويلة الأمد كما هو الحال في الانشطار النووي التقليدي. الخبراء يتحدثون عن فوائده الصحية، مثل تحسين جودة الهواء، وتقليص أمراض الجهاز التنفسي الناتجة عن التلوث، إضافة إلى إمكانيات دعم **الأمن الغذائي** عبر خفض كلفة **الزراعة العمودية** وتحلية المياه.
وهذا يربط بين حلم الطاقة النظيفة والواقع اليومي للإنسان، من هواء أنقى إلى غذاء وماء أوفر.


الطريق الطويل أمام Inertia


رغم الآمال الكبيرة، الاعتراف بالمعوقات ضروري. فتكلفة بناء مثل هذه المحطات ستكون عالية في البداية، وهناك مخاوف مرتبطة بارتباط التكنولوجيا بالاستخدامات العسكرية أو بمخاطر إدارة المواد المشعة. لكن مؤيدي المشروع يرون أن المردود على المدى الطويل قد يفوق بكثير أي تحديات أولية.
الشركة الناشئة أعلنت أنها خلال 18 شهرًا ستعرض نماذج أولية لتصاميم الليزر والكبسولات، وعلى مدى أربع سنوات ستبني خطوط تجريبية للتجميع. أما الهدف الأبعد، فهو تشغيل محطة تجريبية خلال عقد من الزمن، على أن تصل إلى محطة مكتملة بعد 12 عامًا أو أكثر.
وهذا يوضح أن الطريق ما زال طويلاً، لكنه مرسوم بخطوات متتابعة تقود نحو مستقبل مختلف كليًا لمصادر الطاقة.

ذو صلة

خلاصة


ما تحقق في مختبر لورانس ليفرمور لم يكن مجرد تجربة علمية لصفوف الفيزياء، بل شرارة قد تقلب مشهد الطاقة العالمي رأسًا على عقب. وإذا نجحت الجهود التجارية في تحويل الاندماج النووي إلى مصدر عملي، فسيشهد العالم ثورة نظيفة شبيهة ببدايات استخدام الكهرباء نفسها. والأكيد أن السباق نحو **طاقة لا تنضب** بدأ بالفعل، والسؤال الوحيد هو متى سنصل إلى خط النهاية.

ذو صلة