أقوى كمبيوتر كمي في العالم يُهزم بهجوم من 1,432 بطاقة رسومية

3 د
تمكن الباحثون من محاكاة أداء حاسوب جوجل الكمومي باستخدام 1432 معالج رسومي.
استخدموا شبكات التنسور لتقليل الطلب على الذاكرة وتحسين فعالية المحاكاة.
جرب الباحثون الأساليب على دوائر كمومية أصغر لتحقيق نتائج دقيقة.
تفتح هذه التقنية أفاقًا جديدة للبحث في مجال الحوسبة الكمومية باستخدام أجهزة تقليدية.
هل تتصور يومًا أن أجهزة الحاسوب التقليدية التي نستخدمها في حياتنا اليومية يمكن أن تنافس قدرات حاسوب كمومي؟ في خطوة قد تبدو خيالية للبعض، تمكنت مجموعة من الباحثين من محاكاة أداء حاسوب جوجل الكمومي المعروف باسم Sycamore والذي يعتمد على 53 كيوبت (وحدة أساسية للحاسب الكمومي) باستخدام أكثر من 1400 من وحدات معالجة الرسومات (GPU). نعم، تقرأ بشكل صحيح: 1432 معالج رسومي تم استخدامها لتحقيق هذه القفزة التي قد تؤثر كثيراً على تطور عالم الحوسبة مستقبلاً.
كيف تمكن الباحثون من هذا الإنجاز؟
استخدم الفريق البحثي من جامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين، أساليب متقدمة ودقيقة مبنية على شبكات التنسور (Tensor Network). ولفهم هذا ببساطة، شبكات التنسور هي مجموعة من الحسابات الرياضية التي تساعد في حساب نتائج العمليات الكمومية بشكل فعّال. ومن خلال طرق ذكية مثل تقطيع هذه الشبكات الكبيرة إلى أجزاء صغيرة يسهل التعامل معها، تمكنوا من تقليل الطلب على الذاكرة الحاسوبية بشكل كبير، وجعل المحاكاة أكثر فعالية.
أيضا، استخداموا طريقة مميزة تسمى "top-k" أو "الترتيب حسب الأعلى احتمالاً"، وهذه الطريقة تركز على اختيار أكثر النتائج احتمالاً خلال المحاكاة، بدلاً من محاولة حساب جميع النتائج الممكنة التي قد تكون هائلة العدد. من خلال ذلك، تمكن الفريق من تحسين جودة النتائج بشكل ملحوظ، إضافة إلى تقليل الحمل على الأجهزة وتسريع العملية.
نتائج واعدة من التجارب الأولية
وقبل أن يتخذوا قرارهم بتطبيق هذه الطريقة المعقدة على Sycamore، اختبر الباحثون الحسابات على دوائر كمومية تجريبية أصغر، على سبيل المثال دائرة تحتوي على 30 كيوبت بـ 14 طبقة بوابات كمومية. كانت النتائج متطابقة تماشيًا مع التوقعات النظرية، وهو ما شجع الفريق على تطبيق هذه الطريقة على الحاسوب الكمومي الأكبر - Sycamore - بكل ثقة.
تحديات وحلول مبتكرة
وبالطبع، لم تكن المهمة سهلة على الإطلاق، فقد كانت الحواسيب التقليدية في الماضي غير قادرة على محاكاة هذه الدوائر الكمومية المركبة بسبب المتطلبات الهائلة للذاكرة والوقت. ولهذا قام الفريق بتطوير أساليب متقدمة ومبتكرة لتحسين كفاءة الحوسبة، من خلال تعديل ترتيب العمليات ووضع استراتيجيات للتعامل مع تدفق البيانات بين المعالجات الرسومية. كما وجدوا أن زيادة سعة الذاكرة (من 80 جيجابايت وحتى 5120 جيجابايت) توفر لهم قدرة أفضل بكثير وتقلل من فترة الحوسبة المطلوبة.
خبر جيد لمستقبل البحوث الكمومية
هذا النجاح يعني أمراً مهماً جداً للعلماء والباحثين؛ فقد بات من الممكن الآن للباحثين استخدام الحواسيب التقليدية لمحاكاة ودراسة حواسيب كمومية أكثر تعقيدًا من ذي قبل، وذلك من شأنه تسهيل وإثراء العمل على التطوير التجريبي والنظري في مجال الكم بشكل كبير.
يؤكد القائمون على هذه الدراسة أن هذه ليست سوى مرحلة أولية تفتح الباب واسعاً لتطوير أدوات أكثر كفاءة وأقل تكلفة من أجل التوسع في دراسات الحوسبة الكمومية. وكلما استمر العمل على تحسين الأساليب والخوارزميات، سنرى بكل تأكيد محاكاة لحواسيب كمومية أكبر وأكثر قوة، ما سيؤدي إلى تسريع الابتكارات والأبحاث المستقبلية.
وفي الختام، يبقى هذا الإنجاز خطوةً كبيرة في رحلة التواصل بين الحوسبة التقليدية والكمومية، وأكد الباحثون على ضرورة استمرار الدراسات والأبحاث لتطوير أنظمة محاكاة قوية وفعالة لمستقبل أفضل للحوسبة الكمومية.