من قال إن الانقراض نهائي؟ الدودو ينهض من قبره بعد 3 قرون!

3 د
أعلنت شركة كولوسال عن تقدم في إعادة إحياء طائر الدودو عبر الهندسة الحيوية.
استخدم العلماء تقنية كريسبر لتطوير طائر مشابه للدودو بمساعدة دجاج مهندس وراثياً.
يشير خبراء إلى التحديات الأخلاقية والبيئية المحتملة في إعادة الكائنات المنقرضة للحياة.
يعزز المشروع الوعي بأهمية حماية المواطن الطبيعية والأنواع المهددة بالانقراض.
منذ أن انقرض في القرن السابع عشر، أصبح طائر **الدودو** رمزاً عالمياً لفكرة الانقراض النهائي. لكن الآن، شركة أبحاث أمريكية تُدعى *كولوسال بايوساينسز* تعلن عن إنجاز تعتبره “نقطة محورية” يمهّد الطريق لإعادة هذا الطائر إلى موطنه الأصلي في موريشيوس خلال أقل من عقد.
في كشف علمي لافت، نجح باحثو الشركة في تنمية خلايا جنسية أولية مرتبطة بالحمام، وهي الخلايا المسؤولة عن إنتاج البويضات والحيوانات المنوية. وبما أن الدودو ينتمي إلى فصيلة الحمام، يُعد هذا التقدم ثغرة رئيسية نحو إعادة تشكيله وراثياً. وهذا يربط مباشرة بين ابتكارات الهندسة الحيوية اليوم وفكرة إحياء كائنات اندثرت منذ قرون.
تكنولوجيا كريسبر في خدمة إحياء الأنواع
لا يتوقف المشروع عند العمل المخبري فحسب. فقد طوّر الفريق دجاجاً مُعدلاً وراثياً ليكون بمثابة “أم بديلة” تستقبل خلايا الحمام القريب وراثياً من الدودو. باستخدام تقنية **كريسبر** لتحرير الجينات، يأمل العلماء في استعادة سمات الطائر المفقود مثل شكل الرأس، الحجم الكبير، والأجنحة القصيرة التي اشتهر بها. وبحسب المدير التنفيذي بن لام، فإن الجدول الزمني المتوقع يتراوح بين خمس إلى سبع سنوات فقط، وهي فترة وجيزة نسبياً مقارنة بضخامة التحدي. وهنا يظهر الارتباط المباشر بين طموحات الشركة وخططها لإعادة ملايين الطيور، لا مجرد عينات محدودة.
بين الحلم العلمي والتحذيرات الأخلاقية
لكن بينما يصف بعض العلماء الإنجاز بـ«المثير»، ارتفعت أصوات ناقدة لمنهج “الإنقراض العكسي”. يرى خبراء في علم الأحياء التطوري أن إنشاء كائن يشبه الدودو لا يعني بالضرورة أنه الدودو الأصلي، إذ من المستحيل إعادة إنتاج التفاعل المعقد بين جيناته وبيئته القديمة بدقة. هذا النقاش يعكس مخاوف أوسع حول **الأخلاقيات البيئية** و“الخطر الأخلاقي”، إذ يخشى البعض أن يؤدي النجاح في إعادة الأنواع المنقرضة إلى تقليل الوعي بخطورة تدمير المواطن الطبيعية الحالية.
من جهة أخرى، لا يزال ما يقرب من مليوني نوع حول العالم مهدداً بالانقراض بفعل التغير المناخي، فقدان الغابات، الإرهاب البيئي للكائنات الدخيلة، والتلوث. وبالتالي فإن المبادرات التكنولوجية هذه تسير بالتوازي مع معارك حقيقية لحماية الحياة البرية القائمة.
بين الاستثمار الضخم وسؤال العودة إلى البرية
الشركة، التي تخطط أيضاً لإحياء الماموث الصوفي والذئاب المنقرضة، رفعت قيمتها السوقية إلى أكثر من عشرة مليارات دولار بعد جولة تمويل جديدة ساهم فيها مشاهير عالميون مثل توم برادي وباريس هيلتون. هذا الزخم الاستثماري يجعل المشروع أشبه بفيلم خيال علمي حي، لكن السؤال يبقى: أين سيُطلق الطائر “المُستعاد”؟ فغياب المواطن الطبيعية الأصلية كان السبب الأساسي في اندثاره، والنجاح في إعادة تكاثره قد لا يُكتب له الاستمرارية دون معالجة هذه المعضلة البيئية.
وهذا يعيدنا إلى صميم القضية: هل نُعيد الماضي أم نُصلح الحاضر؟
خاتمة
إحياء الدودو قد يبدو خطوة علمية مدهشة تُعيد كتابة علاقة البشر بالطبيعة. إلا أن الوعود الطموحة لشركة كولوسال تصطدم بواقع بيئي هش وأسئلة أخلاقية عميقة. بين الحلم العلمي والإرث البيولوجي المهدد بالزوال، قد يصبح الدودو رمزاً جديداً: ليس فقط لما اندثر، بل لما يمكن أن ينهض من جديد إذا وُجدت الإرادة، ومعها الحكمة.









