ذكاء اصطناعي

29 ألف مبنى مهدد بالسقوط… نيويورك تواجه كابوس المياه الصاعدة

محمد كمال
محمد كمال

3 د

كشفت دراسة أن نيويورك تغوص تدريجياً، مما يهدد المباني والبنى التحتية.

الغوص الأرضي يؤدي إلى هبوط مطار لا غوارديا ومدرجات استاد "آرثر آش".

بُنيت بعض المناطق فوق مكبات نفايات، مما يزيد خطر الهبوط والانهيار.

العلماء يحذرون: 29 ألف مبنى في مناطق عالية الخطورة.

تتطلب المواجهة تحديثات في قوانين البناء واستثمارات مستدامة لتقليل الأخطار.

في مشهد لا تراه العين لكنه يهدد حياة الملايين، كشفت دراسة علمية حديثة أن أكبر المدن الأميركية، وعلى رأسها نيويورك، **تهبط تدريجياً نحو باطن الأرض**، وهو ما يضع آلاف المباني والبنى التحتية في مواجهة خطر محتمل.


الغرق الصامت للمدن الكبرى


الدراسة التي نُشرت في مجلة علمية مرموقة استخدمت تقنيات الرادار عبر الأقمار الصناعية لتتبع تغيرات دقيقة في ارتفاع سطح الأرض ضمن أكبر 28 مدينة أميركية. النتائج كانت صادمة: **25 مدينة من أصل 28 تسجل هبوطاً متسارعاً** في مساحات واسعة منها. وفي بعض المناطق مثل هيوستن، تهبط التربة بأكثر من خمسة مليمترات سنوياً، وهو معدل يضاعف هشاشة البنية التحتية.
وهذا يقودنا إلى حالة نيويورك، حيث تبدو الصورة أكثر تعقيداً وخطورة في آن واحد.


نيويورك… مدينة على أرض رخوة


رغم أن مدينة نيويورك معروفة منذ سنوات بأنها تشهد هبوطاً تدريجياً، فإن صور الأقمار الصناعية الجديدة أظهرت أن **98% من مساحتها تتعرض للغوص الأرضي** بمعدل يقارب 1.6 ملم في السنة. قد يبدو الرقم بسيطاً، لكنه مع مرور الوقت يشكل خطراً على أحياء بأكملها. على سبيل المثال، مدرج مطار لا غوارديا يهبط بنحو 3.7 ملم سنوياً، بينما ينخفض استاد "آرثر آش" الذي يستضيف بطولة أميركا المفتوحة للتنس بنحو 4.6 ملم في السنة، وهو ما يفسر الحاجة الماسة لتجهيزات إنشائية خاصة مثل السقف الخفيف الوزن.
وهذا يعيدنا إلى السبب الجوهري وراء الظاهرة: الأرض التي بنيت عليها أجزاء من المدينة.


القاعدة غير المستقرة — مدن على مكبات قديمة


العديد من مناطق نيويورك وهيوستن وسواهما شُيد فوق **مكبات نفايات وردم ساحلي**، وهي مناطق ذات تربة لينة قابلة للانضغاط أكثر من الصخر الطبيعي. وعندما يضاف وزن البنايات الشاهقة والطرق والجسور، يتضاعف الضغط على الأرض ويزيد خطر الانهيار. هذه التربة الهشة لا تسبب فقط هبوط المباني، بل ترفع كذلك احتمالات **الفيضانات وتصدع الأساسات** خاصة في مواجهة التغير المناخي وارتفاع منسوب مياه البحر.
وهنا يظهر الرابط المباشر بين الاستيطان العمراني العشوائي ومخاطر الكوارث الطبيعية القادمة.


دروس وسياسات مطلوبة عاجلاً


الباحثون يؤكدون أن نحو **29 ألف مبنى في المدن الـ 28 الأكثر ازدحاماً في أميركا تقع في مناطق عالية الخطورة**. هذا يعني أن المستقبل قد يشهد طرقاً متشققة وجسوراً غير مستقرة ومبانٍ تميل تدريجياً إن لم يتم التدخل بالتخطيط السليم. الحلول المطروحة تتراوح بين تحديث قوانين البناء، وزيادة الاستثمار في بنية تحتية لمياه الأمطار، ومراقبة استهلاك المياه الجوفية، وصولاً إلى مشاريع رفع الأراضي وبناء بنية خضراء تقلل من شدة الانغماس الأرضي.
وبذلك يتضح أن مواجهة الهبوط ليست قضية هندسية فقط، بل هي أيضاً تحدٍ سياسي واقتصادي طويل المدى.


خاتمة


بينما تبدو الحياة اليومية في نيويورك وغيرها طبيعية على السطح، إلا أن الأرض تحت أقدام سكانها تتحرك ببطء نحو الأسفل. التحدي اليوم أمام السلطات والعلماء هو تحويل هذا التحذير العلمي إلى خطط واقعية لحماية المدن قبل أن يتحول الغرق الصامت إلى انهيار علني.

ذو صلة

ذو صلة