إيلون ماسك: عبقرية تسويقية … من دون إنفاق دولار!

4 د
إيلون ماسك يُعرف بعبقريته في التسويق والابتكار في صناعة التكنولوجيا.
يعتمد ماسك في أسلوبه على حضوره الشخصي وتوليد الجدل في وسائل التواصل الاجتماعي.
يركز ماسك على جذب الانتباه دون إنفاق كبير على الإعلانات التقليدية.
استراتيجية ماسك تُثبت فعاليتها رغم المخاطر والانتقادات المحيطة بها.
خلاصة الأمر، يبقى أسلوب ماسك محط الأنظار في التسويق الحديث.
إذا كنت ممن يتابعون الأخبار الاقتصادية والتكنولوجية، فمن المؤكد أنك سمعت اسم "إيلون ماسك" عشرات المرات. رجل الأعمال والمبتكر الأمريكي الجنوب إفريقي الأصل، صاحب عدد من أشهر الشركات على الإطلاق، صار اليوم جزءًا أساسيًا من المشهد الإعلامي العالمي. لكن ما السر خلف هذه الشهرة الاستثنائية؟ هل يعود ذلك لعبقريته الهندسية فقط، أم أن هناك جانبًا آخر؟
في الحقيقة، يعتقد خبراء التسويق أن عبقرية ماسك الحقيقية تتجاوز حدود الابتكارات التقنية المبهرة، وتصله بجانب آخر مختلف تمامًا هو: قدرته الخارقة على إنشاء حملات تسويقية فريدة، تحفر اسم منتجاته وشركاته في أذهان الناس حول العالم، دون أن تتكلف هذه الحملات أي أموال تقريبًا.
القصة وراء أسلوب إيلون ماسك التسويقي
منذ بدايته كأحد المؤسسين في شركة الدفع الإلكتروني "باي بال"، مرورًا بشركة السيارات الكهربائية "تسلا"، وصولًا إلى شركته الرائدة في عالم الفضاء "سبيس إكس"، اشتهر ماسك بأسلوب تسويقي مخالف نوعًا ما للأساليب التقليدية. بالأحرى يمكن القول إن هذا الأسلوب يعتمد على أمرين أساسيين بشكل حصري تقريبًا: حضوره الشخصي على منصات التواصل الاجتماعي، وخلق أحداث إعلامية جذابة وغريبة، وأحيانًا مثيرة للجدل.
ربما يتذكر الكثيرون منا كيف أرسل ماسك سيارة تسلا رودستر نحو الفضاء عام 2018، مستخدمًا قاذفة صواريخ حديثة من شركته "سبيس إكس"، في مشهد بدا خياليًا وكأنه من أفلام السينما. في الحقيقة، هذا المشروع المثير جعل من التكنولوجيا الفضائية الحديثة ومن سيارة تسلا عناوين تواصل الملايين من الناس حديثهم حولها لفترة طويلة.
وربما نتذكر أيضًا حين قام بتنظيم حدث غريب آخر داخل تسلا، حينما كشف عن زجاج غير قابل للكسر في شاحنة "سايبر تراك"، ليُفاجأ ماسك نفسه والجمهور بتحطم الزجاج على المسرح، لتتحول هذه اللحظة التى قد يراها البعض وشمة عار، إلى نقطة نجاح هائلة ومفاجئة في زيادة شهرة السيارة وتحطيم كافة الأرقام في الطلبات المسبقة. إذ فهم ماسك جيدًا أن الجدل والمواقف الاستثنائية عادة ما تكون مفيدة أكثر من الإعلانات التقليدية، ولو حتى حدثت بشكل غير مقصود.
استراتيجية صفرية التكلفة
أكثر ما يميز أسلوب ماسك هو أنه تقريبًا لا ينفق أموالاً طائلة على الإعلانات التقليدية. منذ تأسيسه لشركة تسلا، ظل ماسك يرفض بشكل قاطع تخصيص ميزانيات ضخمة للإعلانات التلفزيونية المعتادة التي تستهلك عشرات الملايين من الدولارات سنويًا. وبدلاً من ذلك، عمد إلى استغلال قوة وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديدًا تويتر - أو "إكس" بمسماه الجديد - هذه المنصة التي استحوذ عليها، ليحوّل حسابه الشخصي إلى منصة تسويقية مباشرة وغير تقليدية تمامًا.
اللافت في الأمر أن هذه الاستراتيجية أثبتت نجاحًا غير متوقع: الملايين من الناس يتابعون تغريدات ماسك بشكل منتظم، وتتلقف وسائل الإعلام العالمية كل صورة ينشرها أو تعليق يقدمه عن منتج أو خدمة. وهو ما يمنحه تسويقًا قويًا ومجانيًا، كل يوم ودون أي جهد أو تكلفة إضافية.
هل هي مخاطرة أم عبقرية؟
بالتأكيد، يظل أسلوب ماسك محفوفًا ببعض المخاطر. لا شك أن آرائه وتصريحاته، وحتى تغريداته بين فترة وأخرى، تثير الجدل والانتقاد بسبب جرأتها الزائدة والرغبة الواضحة في إثارة نقاش عام حول مشاريعه. لكن على الرغم من ذلك، يصرّ خبراء ومحللون بأن هذه الجرأة هي سر تميز ماسك وتسويقه، خاصة في بيئة تنافسية شرسة لا مكان فيها للمنتجات المعتادة أو التقليدية.
وبينما يخشى منافسوه من الأخطاء أو المواقف غير المحسوبة، يبدو ماسك مرتاحًا في ميدان المنافسة والتواصل كمحترف يقود السوق، لا يخشى الانتقادات أو التصادم، ربما لأنه يدرك جيدًا أن التسويق اليوم لم يعد مجرد إعلانات تقليدية محافظَة، بل هو تحدٍ كبير يتطلب جرأة وقناعة في الأفكار وأساليب عرضها.
إذًا، يبقى سؤال واحد فقط: هل يعتبر أسلوب ماسك الفردي المثير للجدل حالة استثنائية صعبة التكرار؟ أم أننا أمام تحول لا مفر منه في عالم التسويق، لا بدّ من التكيف معه عاجلاً أم آجلاً؟
في النهاية، فقط المستقبل واختيارات المستهلكين يمكنها تحديد مدى استمرارية أسلوب ماسك ونجاحاته في عالم الأعمال والتقنية. لكن اليوم، ولحظة كتابة هذا المقال، لا شك أن "إيلون ماسك" هو الاسم الأبرز بين عباقرة التسويق الحديث، وإحدى العلامات الواضحة للتسويق في زمن السوشيال ميديا.