سايبر تراك من تسلا “تنسلخ”… واستدعاء جماعي لإصلاح الّاصق الفاشل

4 د
استدعت تسلا أكثر من 46,000 شاحنة سايبر تراك لإصلاح خلل في مادة لاصقة قد تسبب انفصال ألواح خارجية أثناء القيادة.
تتأثر المادة المستخدمة بالعوامل البيئية، وقد تسبب حوادث، مما يتطلب استبدالها بلصق جديد لا يتأثر بالهشاشة البيئية.
قد يكون استخدام الفولاذ المقاوم للصدأ في تصميم سايبر تراك سبباً في المشكلة، نظراً لاختلافه في الكثافة والتوصيل الحراري عن الفولاذ العادي.
واجهت سايبر تراك سلسلة من المشكلات منذ الكشف عنها، ولا تزال تتعرض لانتقادات فنية رغم الدعم السياسي الذي تحظى به الشركة.
أعلنت شركة تسلا عن استدعاء شامل يكاد يطال جميع شاحنات "سايبر تراك" التي تم إنتاجها حتى الآن، وذلك على خلفية مشكلة خطيرة في مادة اللصق المستخدمة لتثبيت أجزاء خارجية من الشاحنة، ما قد يؤدي إلى انفصالها أثناء القيادة وتشكل خطراً على مستخدمي الطريق. وتعد هذه الأزمة أحدث حلقة في سلسلة طويلة من التحديات التي واجهتها هذه المركبة الكهربائية المميزة منذ إطلاقها.
تفاصيل الاستدعاء
في بيان رسمي نُشر يوم الخميس، أكدت تسلا أنها ستستدعي أكثر من 46 ألف وحدة من شاحنة سايبر تراك، جميعها تم تصنيعها بين نوفمبر 2023 ونهاية فبراير 2025، من أجل إصلاح قطعة تزيينية من الفولاذ المقاوم للصدأ يمكن أن تنفصل أثناء سير المركبة. ويعد هذا الاستدعاء هو الثامن من نوعه لهذه الشاحنة، لكنه يختلف عن معظم استدعاءات تسلا السابقة في كونه لا يمكن معالجته عبر تحديث برمجي عن بُعد، بل يتطلب نقل الشاحنة إلى أحد مراكز الخدمة المعتمدة لإجراء الإصلاح.
ووفقاً لتقرير صادر عن الإدارة الوطنية الأمريكية لسلامة الطرق السريعة (NHTSA)، فإن الخلل يكمن في قطعة خارجية تجميلية مثبتة بواسطة مادة لاصقة غير مناسبة. هذه المادة يمكن أن تفقد قدرتها على الالتصاق نتيجة لتأثيرات بيئية، ما يؤدي إلى احتمال انفصال القطعة وتحولها إلى "خطر على الطريق"، مما يزيد من احتمالية وقوع حوادث.
بدأت الشكاوى حول هذه المشكلة في الظهور عبر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، ويُعتقد أن تسلا أوقفت مؤقتاً إنتاج سايبر تراك في الأسبوع الماضي للتحقيق في الأمر. وذكرت الشركة في ملفها الرسمي أن التحقيقات بدأت منذ يناير الماضي، وأنها ستعمد إلى استخدام مادة لاصقة بديلة "لا تتأثر بالهشاشة البيئية".
التحديات الهندسية واختلاف المواد
ديل هارو، رئيس مركز تصميم التنقل الذكي في الكلية الملكية للفنون في لندن، وصف هذه الواقعة بـ"المفاجئة"، مشيراً إلى أن استخدام المواد اللاصقة أصبح شائعاً جداً في صناعة السيارات الحديثة نظراً لفعاليتها في تثبيت الألواح وتقليل الوزن. وأوضح أن شركات كبرى مثل جاكوار ولكزس وأودي تستخدم تقنيات اللصق هذه بانتظام.
إلا أن ما يميز سايبر تراك عن غيرها هو استخدامها المكثف للفولاذ المقاوم للصدأ في الألواح الخارجية، وهو أمر نادر في قطاع السيارات. ويفترض هارو أن المشكلة قد تكون ناجمة عن طبيعة الفولاذ المقاوم للصدأ، خاصة في الأجواء الباردة، حيث قد يساهم في تغير درجات حرارة السطح بشكل يؤثر على عملية التصاق المادة اللاصقة. وأشار إلى احتمالية وجود خلل في درجة حرارة خط الإنتاج أو تعرض غير كافٍ للأشعة فوق البنفسجية اللازمة لمعالجة المادة اللاصقة، وهي أمور تتطلب تحقيقاً معمقاً لمعرفة السبب الحقيقي للمشكلة.
سياق أوسع
زيادة في الاستدعاءات المرتبطة بالتقنيات الحديثة شهدت الولايات المتحدة ارتفاعاً كبيراً في عدد استدعاءات السيارات خلال العقدين الماضيين، بنسبة تقارب 70% بين عامي 2003 و2023، بحسب بيانات NHTSA، كما ارتفعت نسبة المركبات المتأثرة بهذه الاستدعاءات بنسبة 83%. وشهدت عمليات الإصلاح التي تتم عبر التحديثات البرمجية عن بُعد قفزة كبيرة بلغت عشرة أضعاف بين عامي 2019 و2023، ما يشير إلى تعقيد متزايد في السيارات الحديثة.
لكن شاحنة سايبر تراك، على وجه الخصوص، كان لها نصيب كبير من الاستدعاءات التي تتطلب زيارة فعلية لمراكز الخدمة، بما في ذلك مشكلات كبيرة في مساحات الزجاج الأمامي، وألواح الدواسات التي تسببت في تسارع غير مقصود، نتيجة استخدام صابون غير معتمد أثناء عملية التصنيع.
مشاكل منذ البداية
منذ الكشف عنها لأول مرة في فعالية استعراضية عام 2019، واجهت سايبر تراك سلسلة من الانتكاسات. ربما يتذكر الكثيرون حادثة تحطم الزجاج "الغير قابل للكسر" عند تعرضه لضربة بكرة معدنية أثناء العرض. بعد ذلك، تسببت جائحة كورونا وغيرها من العقبات في تأجيل الإنتاج إلى نهاية عام 2023، بعد أن كان من المقرر بدء التصنيع في 2021. كما ارتفع السعر الأساسي للشاحنة من 40 ألف دولار إلى 61 ألف دولار.
وقد كشفت وثائق داخلية، حصلت عليها صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية ومجلة WIRED، أن الشركة كانت لا تزال تواجه تحديات كبيرة في النموذج الأولي للسايبر تراك حتى يناير 2022، شملت مشاكل في نظام التعليق، وعزل الهيكل، ومستوى الضوضاء، والتحكم، والكبح.
مشهد سياسي مثير للجدل
ورغم كل هذه المشكلات التقنية، لم يبدُ أن البيت الأبيض قد تأثر كثيراً. فقد ظهرت سايبر تراك مؤخراً ضمن مجموعة من سيارات تسلا على مدخل رئاسي، بينما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يروج لشركة تسلا ورئيسها التنفيذي إإيلون ماسك، قائلاً بانبهار "كل شيء يعمل بالكمبيوتر!"، على مرأى من الصحفيين. إلا أن ترامب، ربما لعدم ارتياحه لمادة الفولاذ أو مخافة للصدأ، اختار عدم اقتناء سايبر تراك، معلناً نيته شراء طراز "موديل إس بلايد" بدلاً منها، وهو طراز لا يستخدم الفولاذ المقاوم للصدأ.
ختامًا، تسلط أزمة اللصق في سايبر تراك الضوء على التحديات التي تواجهها تسلا في تحقيق توازن بين التصميم الطموح والأداء الموثوق. فبينما يُعد استخدام الفولاذ المقاوم للصدأ خطوة جريئة تقنياً وجمالياً، إلا أن تنفيذه يتطلب دقة بالغة، خصوصاً في ظروف بيئية متغيرة. ومع تكرار الاستدعاءات التي لا يمكن حلها برمجياً، تزداد التساؤلات حول مدى جهوزية الشركة لتقديم منتج متكامل تقنياً، دون الاعتماد المفرط على صورتها الإعلامية أو شخصية ماسك الجاذبة. ومع ذلك، لا يزال هناك متسع أمام تسلا لمعالجة هذه التحديات، لكن عليها أن تتحرك بسرعة، لا بل بلصقٍ أفضل هذه المرة.