أزمة تسلا تتفاقم: خطط الإنقاذ تتحول إلى عبء ثقيل

3 د
تراجع الطلب على سيارة تسلا موديل Y رغم النسخة المحدثة الجديدة.
لجأت تسلا لعروض تمويل مغرية لمواجهة ضعف الطلب الحالي.
تراكمت آلاف شاحنات سايبرترك في المخازن دون بيع.
تصرفات إيلون ماسك السياسية أثرت سلبًا على مبيعات الشركة عالميًا.
ارتفاع سعر أسهم تسلا رغم التحديات الداخلية والخارجية الحالية.
في وقت كانت تتجه فيه الأنظار نحو شركة تسلا وابتكاراتها المتجددة لإنعاش مبيعاتها المتراجعة، يبدو أن سيارة موديل Y الجديدة لم تكن التغيير المنتظر أو القارب المنقذ كما كان يتأمل المستثمرون. فبعد إطلاق النسخة المحدثة من هذه السيارة الأكثر مبيعاً في يناير الماضي، تشير التقارير إلى تراجع واضح ومقلق في الاهتمام من المستهلكين.
اللافت هنا أن تسلا بدأت تعتمد بشكل كبير على عروض التمويل المميزة المغرية، مثل أنظمة التقسيط دون فوائد، في إشارة واضحة إلى أن الشركة أصبحت تعاني من ضعف الطلب مقارنةً بالماضي. ويؤكد محلل أسواق السيارات الكهربائية، لورين ماكدونالد، أن مثل هذه العروض الكبيرة والمغرية منذ انطلاق السيارة تثير علامات استفهام كبيرة بشأن وضع تسلا الحالي وأزماتها المتزايدة، خاصةً مع تدني هوامش الربح لأرقام تاريخية منخفضة.
وهذا الضعف في الطلب لا يقف فقط عند السيارة الجديدة، إذ تعاني تسلا من مشكلات أوسع تمثلت في تراكم كميات كبيرة من شاحنات سايبرترك في المخازن دون بيع، حيث تجاوز عددها 10 آلاف وحدة. تأتي هذه الأخبار في الوقت الذي لا تزال فيه وعود إيلون ماسك حول مدى شعبية هذه الشاحنات الكهربائية وقدرتها على بيع ربع مليون وحدة سنوياً بعيدة تماماً عن الواقع.
من جهة أخرى، ساهمت مواقف وتصرفات إيلون ماسك الأخيرة - خاصة مواقفه السياسية المثيرة للجدل وارتباطاته المتعددة مع الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب- في زيادة مشاكل الشركة وتعزيز الصورة السلبية لها في عدة أسواق رئيسية مثل الصين وأوروبا، حيث تشير التقارير إلى حالة من التدهور الكبير في مبيعات الشركة هناك.
ورغم هذه الصورة السلبية الواضحة، نجحت تسلا مؤخرًا في تسجيل ارتفاع ملحوظ بسعر أسهمها يقدر بنسبة 18% خلال الأيام الخمسة الماضية، بعد إعلان ترامب تخفيف الرسوم الجمركية تجاه الصين ووعود ماسك نفسه بأن يخصص وقتًا أكبر لإدارة الشركة. وقد استعادت تسلا بفضل هذا الارتفاع مكانتها ضمن الشركات التي تتجاوز تقييماتها التريليون دولار، وهو رقم بعيد عن مواكبة الواقع الحالي لتحديات الشركة الداخلية والخارجية، وفقًا لآراء المحللين.
لكن هذا الارتفاع في السوق لا يمكن أن يخفي الضعف الهيكلي الذي تواجهه تسلا من الناحية التجارية والمنتجات الحالية. فالنسخة الجديدة من موديل Y، التي تبدو متطابقة تقريبًا مع نظيرتها السابقة، لا تُقدم أي تميز أو تنوع كافٍ لجذب المستهلك الذي ينتظر شيئًا جديدًا تمامًا، وهو ما أكدته جيسيكا كالدويل من شركة إدموندز لأبحاث السيارات لدى حديثها عن أسباب عدم الحماس الحالي للمستهلكين تجاه السيارة.
وفي الوقت نفسه، لا يزال إيلون ماسك يراهن بقوة على مشروع السيارة ذاتية القيادة بالكامل "روبوتاكسي"، والذي من المقرر إطلاقه تدريجيًا هذا الصيف في أوستن. وأكد ماسك بثقة مزعومة أن ملايين السيارات التابعة لتسلا ستعمل ذاتيًا وبشكل كامل بحلول منتصف العام المقبل، وهو وعودٌ يحذر المتابعون بأنها قد تكون بعيدة عن الواقعية بالنظر لتاريخ ماسك الطويل من الوعود الكبيرة غير المنجزة.
في ظل هذه الظروف والتطورات الأخيرة، تبدو صورة تسلا أكثر غموضًا من أي وقت مضى. إذ لكي تعود الشركة للطريق الصحيح، من الضروري أن تكون ابتكاراتها المستقبلية أكثر وضوحًا وتفردًا، وربما عليها إعادة النظر في استراتيجيات التواصل وزيادة الاهتمام بصورة علامتها التجارية. في النهاية، ما زال الأمر بين يدي ماسك وفريقه للعمل على تحسين الأوضاع، أو مواجهة صعوبات أكبر قد تعصف بمكانة عملاقة السيارات الكهربائية على المدى الطويل.