إنذار أحمر في تسلا… وماسك يُصارع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

4 د
تواجه تسلا أزمة معقدة بسبب الحرب التجارية التي شنها ترامب.
وضعت علاقة إيلون ماسك بترامب الشركة في مأزق وتجذب انتقادات عنيفة.
تراجعت مبيعات تسلا بشكل حاد، مما يثير مخاوف المستثمرين.
تضر السياسات الجمركية الصينية بأعمال تسلا في السوق الصيني الكبير.
المستثمرون قلقون بشأن مشاركة ماسك في السياسة وتأثيرها السلبي.
تعيش شركة تسلا هذه الأيام أزمة معقدة بسبب تبعات الحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي قلب هذه الأزمة يأتي اسم الرئيس التنفيذي الشهير للشركة، إيلون ماسك، الذي لا يزال مرتبطًا بعلاقة وثيقة مع ترامب نفسه. وهذا الارتباط أثار العديد من الجدل والأسئلة حول مستقبل العلامة التجارية لتسلا في ظل الظروف الجديدة.
أزمة مزدوجة تواجه إيلون ماسك وتيسلا
خلال إعلان النتائج المالية للشركة الذي سيقام يوم الثلاثاء، من المنتظر أن يجيب ماسك عن أسئلة المستثمرين والمحللين حول تأثير الحرب التجارية على أداء الشركة، ولكن الوضع ليس بهذه البساطة. العلاقة القوية بين ماسك والرئيس الأمريكي وضعت تسلا في مأزق معقد؛ إذ قد يدفع قرب ماسك من ترامب عدداً كبيراً من العملاء في الولايات المتحدة وخارجها إلى الابتعاد عن منتجات الشركة، خاصة من يعارضون سياسة ترامب التجارية المثيرة للجدل.
وفي المقابل، إذا حاول ماسك أن ينأى بنفسه عن ترامب، فإن هذه الخطوة قد تفتح باب المواجهة مع الإدارة الأمريكية، مما قد يضاعف من صعوبات الشركة وأزماتها المالية. باختصار، تبدو القضية وكأنها معادلة خاسرة مهما كانت القرارات التي يتخذها ماسك.
انخفاض حاد في مبيعات تيسلا يثير المخاوف
وسبق أن شهد الربع الأول من العام الحالي تراجعاً كبيراً في مبيعات شركة تسلا، وهو التراجع الأكبر في تاريخها بعد أن كانت تحقق نمواً متواصلاً في المبيعات بنسبة عالية لفترات طويلة. وهذه نقطة ستحتل جزءاً هاماً من النقاش خلال الاجتماع المقبل مع المستثمرين.
وقال المحلل المالي دانيال أيفز من شركة "ويدبوش سكيوريتيز"، والذي يُعد من المؤيدين للعالمة التجارية رغم تخفيضه مؤخراً السعر المستهدف لسهم تسلا، إن الوضع الحالي يمثل "حالة طوارئ خطيرة" إذا استمر ماسك في تولي دور محوري وعالي المستوى في علاقته بالرئيس ترامب، بحسب تعبيره.
واقترح أيفز أن يلجأ ماسك إلى موقف أوضح، مؤكداً أن تسلا بحاجة ماسة إلى قيادة تركز على مشكلات الشركة الفعلية ولا تنشغل بالسياسة أو الاستثمارات الجدلية مثل عملة "دوج كوين" الرقمية، التي شغلت ماسك كثيراً في الفترة الماضية.
الصين.. سوق رئيسي يحذر المحللون من خسارته
ولا تقتصر متاعب تسلا على صراعاتها داخل واشنطن فقط؛ بل هناك تحدٍ كبير آخر للشركة يتمثل في السوق الصينية التي يعتمد عليها ماسك بشكل رئيسي بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وتعتبر الصين حالياً السوق الأكبر في العالم لصناعة السيارات الكهربائية، حيث تحقق تسلا حوالي 21% من إيراداتها السنوية هناك.
لكن سياسات ترامب بشأن الرسوم الجمركية أدت إلى فرض الصين رسومًا انتقامية وصلت إلى 125% على بعض منتجات تسلا المستوردة من الولايات المتحدة، مما اضطر الشركة إلى وقف استقبال الطلبات الجديدة على بعض الموديلات مثل سيارات "موديل إس" و"موديل إكس" في السوق الصيني. ورغم أن هذه الموديلات تشكل جزءاً صغيراً من مبيعات الشركة، فإن التأثير السلبي لهذه السياسات، حسبما صرح به ماسك، ليس بسيطاً على الإطلاق.
وقد أشار ماسك في تصريحات على منصته الرسمية "إكس"، إلى أن تسلا تواجه تبعات كبيرة بسبب هذه الرسوم الجمركية التي تفرضها الصين ردًا على الإجراءات الأمريكية، وأكد أن التأثير السلبي الذي يلحق بالشركة لا يمكن تجاهله.
استياء متزايد وعلامات استفهام حول قيادة ماسك
في الوقت ذاته، يبدو أن جمهور المستثمرين متخوف من سمعة الشركة ومن الضرر الكبير الذي لحق ببراعة تسلا وصورتها نتيجة لمشاركة ماسك الواسعة في أنشطة وسياسات ترامب. وأثيرت في الآونة الأخيرة أسئلة عديدة على موقع الشركة من المستثمرين حول مدى خطورة الضرر الواقع على سمعة تسلا وما الذي تنوي الإدارة فعله لحل هذه المشكلة.
ومن بين هذه الأسئلة، تساؤل حول ما إذا كانت تسلا قد رصدت تغيرًا ملحوظًا في طلبات العملاء هذا العام وموقف الإدارة من الانتقادات والمقاطعة التي تواجهها الشركة بسبب قرب الرئيس التنفيذي من الإدارة الأمريكية. كما ظهرت تساؤلات علنية واضحة من المستثمرين حول مدى تركيز ماسك في مهامه كمدير تنفيذي لتسلا، مطالبين بضرورة عودته الكاملة للتركيز التام على إدارة الشركة والابتعاد عن التدخل في القرارات السياسية.
مشاريع متعثرة وتنافس قوي من المنافسين
ويرى مراقبون أن تقديم ماسك وعوداً لم يتم الوفاء بها فيما يتعلق بمشاريع ذكية مستقبلاً، مثل إطلاق خدمات سيارات الأجرة ذاتية القيادة، تسبب أيضًا في المزيد من تراجع الثقة بين المستثمرين والعملاء. وكان ماسك قد وعد سابقاً بإطلاق هذه المركبات في ولاية تكساس بحلول يونيو المقبل، الأمر الذي لم تظهر بشأنه أية مستجدات. بالمقابل، تفوقت شركات مثل أوبر ووايمو - التابعة لجوجل - في تقديم خدمات تجريبية فعلية لسياراتها الذاتية القيادة في مدينة أوستن بتكساس.
وقد شدد المحلل المالي رايان برينكمان محلل "جي بي مورجان" على أن تيسلا بحاجة ماسة لأن تكشف عن خطط واضحة وواقعية فيما يتعلق بهذه المشروعات التي وعدت بها، لأن أي تأجيل أو إخفاق آخر سيؤدي إلى ضربة إضافية للأسهم.
في النهاية، يبقى الطريق أمام تسلا مليئًا بالتحديات والصعوبات، ويبقى قرار رئيسها التنفيذي إيلون ماسك بالموازنة بين مصالح الشركة وبين علاقته الدولية المربكة مع ترامب، واحداً من أصعب القرارات التي قد تؤثر بصورة مباشرة على مستقبل شركة السيارات الشهيرة.