منتجاتنا ممتازة… لكن لا نريدك يا ماسك: موظفو تسلا يثورون على رئيسهم

3 د
موظفو تسلا يطالبون بتنحي إيلون ماسك بسبب الأضرار التي تسببها قيادته المثيرة للجدل.
تتعلق أزمة تسلا بالصورة العامة لماسك وليس بجودة المنتجات أو التقنيات.
تركيز ماسك على مشاريع جانبية يثير قلق الموظفين بشأن تجاهل مشاكل تسلا.
تتراجع المبيعات على الرغم من إطلاق طرازات جديدة، مما يعكس فقدان الجاذبية للعملاء.
يواجه المشاركون في الاحتجاج تبعات ثقيلة، مع مخاوف بشأن حرية التعبير في الشركة.
أصبحت شركة "تسلا"، الرائدة في قطاع السيارات الكهربائية، حديث العالم مجدداً؛ إلا أن هذه المرة ليست بسبب إنجازاتها التكنولوجية المعتادة، بل بسبب أزمة داخلية قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في إدارتها العليا. في خطوة لافتة، طالب عدد من موظفي الشركة، في رسالة رسمية، بتنحي الرئيس التنفيذي والمؤسس إيلون ماسك عن منصبه، مُشيرين بوضوح إلى أن قيادة ماسك المثيرة للجدل باتت تسبب أضراراً طويلة المدى لسمعة الشركة.
وبحسب الرسالة التي كتبها موظفون حاليون وسابقون، فإن الأزمة الحالية التي تواجهها تسلا لا تتعلق بجودة منتجاتها أو تقنياتها، بل تكمن تحديداً في الصورة العامة التي رسمها ماسك عن نفسه وعن الشركة، والتي دفعت الكثير من العملاء للابتعاد عنها. فعلى الرغم من أن مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 10% في الربع الأول من عام 2025، فإن تسلا خالفت الاتجاه وتراجعت مبيعاتها بنسبة 9% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وهو الموقف الذي سلّط الضوء بقوة على هذه المشكلة.
هذا الوضع دفع الموظفين ليتحدثوا بصراحة، حيث أوضحوا أن الأنشطة والآراء الشخصية التي يعبّر عنها ماسك عبر المنصات المختلفة، أصبحت سبباً واضحاً لخسارة ثقة العملاء، وأشاروا في رسالتهم:
"الصورة الذهنية لإيلون أصبحت مشكلة حقيقية، انعكست سلباً على سمعة ومبيعات تسلا، وبات من الصعب تدارك هذا الضرر إن استمر الحال كما هو عليه"
وأضافوا أيضاً أن الشركة تجد نفسها حالياً مفترق طرق حقيقي؛ إما التمسك بماسك والاستمرار بالانحدار، أو المضي قدماً بدونه، سامحين لمنتجات الشركة ورسالتها بالحكم على نجاحهما أو فشلهما بمعزل عن شخصيته المثيرة للجدل.
من جانبه، يواجه إيلون ماسك انتقادات متزايدة من داخل التسلا، تحديداً بسبب ما يعتبره الموظفون تشتتاً في اهتماماته، إذ أخذ مؤخراً يركز بشكل متزايد على مشاريع جانبية مثل العملات المشفرة "دوجكوين" ومشروعات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، بدل التركيز على مشاكل تسلا التي بدأت تظهر بوضوح. هذه القضايا باتت مصدر قلق حقيقي للعاملين في الشركة الذين يشعرون أن التقصير الإداري يُحمّلهم المسؤولية عن مشاكل ليس لهم بها ذنب.
تعمقت الأزمة أكثر عندما أطلقت تسلا مؤخراً طرازات جديدة ومحسنة من سياراتها مثل "موديل Y"، بهدف تعزيز المبيعات وإعادة ثقة السوق. لكن هذا الإجراء لم يأتِ بالنتائج المرجوة، فالسيارات الجديدة ظلت متراكمة وغير مباعة لفترات طويلة في مستودعات الشركة، ما يعكس انخفاض الطلب وفقدان الشركة لجاذبيتها لدى العملاء مع تصاعد المنافسة من علامات تجارية أخرى في السوق.
ويرى العاملون في الشركة أن المشكلة الجوهرية ليست في الإنتاج أو الجودة، حيث أكدوا في رسالتهم:
"الإنتاج في أفضل حالاته، والجودة مرتفعة، والإجراءات قوية ومتماسكة. المشكلة التي نواجهها الآن واضحة جداً: قيادة إيلون ماسك هي سبب تراجع الطلب"
ولم يمر هذا الاحتجاج دون تبعات ثقيلة على بعض المشاركين فيه. فقد واجه أحد أبرز الموقعين على الرسالة، ماثيو لابروت، الذي شغل منصب مدير برامج تدريب المبيعات والتسليم، الإجراءات العقابية التي تمثلت في إنهاء خدماته بعد أكثر من خمس سنوات قضاها في الشركة. لابروت أكد علناً على حسابه في منصة لينكدإن أن فصله كان نتيجة مباشرة لمشاركته في الرسالة، الأمر الذي أثار مخاوف داخلية وخارجية حول حرية التعبير في الشركة، خاصة مع حذف الرسالة من المنصة التي تعود ملكيتها لماسك نفسه.
ما يجري داخل أروقة تسلا الآن يمثل اختباراً حقيقياً للشركة المعروفة بابتكاراتها الرائدة. لا شك في أن نجاح تسلا أرسى قواعد جديدة لها ولصناعة السيارات الكهربائية، إلا أن الأزمة الأخيرة تشير إلى حاجة الشركة لإعادة النظر في قيادتها وإدارتها وعلاقتها مع الجمهور.
ربما يمكنها التوجه نحو تحسين طريقة تفاعل قياداتها مع الجمهور، أو الاستثمار بشكل أكبر في التواصل الفعال وتوضيح استراتيجية الشركة وخطتها المستقبلية بوضوح وشفافية. في النهاية، نجاح شركات عملاقة مثل تسلا يعتمد بشكل كبير على كسب ثقة الجمهور والحفاظ عليها، وهذه نقطة تستحق التفكير والتأمل مع اقتراب حسم هذه الأزمة، دون إغفال أهمية اتخاذ إجراءات واضحة للمحافظة على بيئة عمل صحية وآمنة لجميع الموظفين.