من تويتر إلى تسلا: ارتدادات ماسك الشخصية تهز مستقبل شركته

4 د
تشهد تسلا مرحلة حرجة بسبب الموجة العالمية من الاحتجاجات ضد إيلون ماسك.
ترتبط الاحتجاجات بسياسات ماسك المتحالفة مع الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة ترامب.
أثرت الاحتجاجات سلبياً على تسلا، ما أدى إلى تراجع حاد بنسبة 71% في أرباحها.
تخطط تسلا لإطلاق خدمة "روبوتاكسي" في يونيو بتكساس رغم الأزمات الحالية.
تركز تسلا على تجاوز التحديات واستعادة الاستقرار في ظل الأزمات.
تشهد شركة تسلا للسيارات الكهربائية، التي طالما اعتبرت رائدة في الابتكار التكنولوجي وصناعة المركبات النظيفة، مرحلة حرجة وغير مألوفة بسبب الموجة العالمية من الاحتجاجات التي تستهدف رئيسها التنفيذي الشهير إيلون ماسك والشركة بشكل عام. فبحسب المستندات الجديدة التي قدمتها تسلا مؤخراً إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، أقرت الشركة رسمياً أن هذه الاحتجاجات تشكل خطراً واضحاً قد يؤثر سلبياً على عملياتها التجارية وسمعتها ومبيعاتها، وربما صعّب عليها مستقبلاً إمكانية الحصول على تمويل إضافي إذا اقتضت الحاجة.
احتجاجات عالمية بسبب الارتباط السياسي لماسك
بدأت قصة هذه الاحتجاجات مع ارتباط ماسك المثير للجدل بالإدارة الأمريكية الحالية التي يرأسها دونالد ترامب. ماسك، الذي يعمل مستشاراً لدى إدارة الرئيس الأمريكي ضمن ما يُعرف بلجنة "دوج" (DOGE) أو "لجنة كفاءة الحكومة"، بات اسمه مرتبطاً بسياسات ترامب بشكل واضح، وهو ما أثار الانتقادات الواسعة والغضب بين أوساط شريحة كبيرة من المستهلكين والنشطاء في الولايات المتحدة وخارجها.
هذه الاحتجاجات تطورت من مجرد نقد على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تحركات فعلية، وذكرت تسلا في ملفها الرسمي أن هناك احتجاجات تحولت في بعض الأحيان إلى مظاهر عنف استهدفت منتجات الشركة ومعارضها وحتى موظفيها، وهو ما زاد الوضع تعقيداً بالنسبة للشركة الأمريكية والسيد ماسك.
تراجع واضح في المبيعات والأرباح
وقد انعكست هذه الاحتجاجات وغيرها من العوامل بشكل واضح على أداء تسلا في الربع الأخير من العام، إذ كشفت النتائج المالية تراجعاً حاداً في الأرباح بنسبة تصل إلى 71%، مما عزز المخاوف بشأن الوضع المستقبلي للشركة. النتائج المالية التي نُشرت مؤخراً أظهرت أرباحاً بقيمة 409 ملايين دولار مقارنةً بـ 1.42 مليار دولار للفترة نفسها من العام الماضي.
وتجدر الإشارة إلى أن جزءاً من أرباح تسلا جاء من بيع ائتمانات بيئية خضراء (يُعرف برصيد انعدام الانبعاثات) بقيمة 595 مليون دولار. وبدون هذا المصدر من الإيرادات، ربما كانت تسلا أعلنت لأول مرة عن خسائر مالية خلال هذا الربع.
كيف تنظر تسلا لمستقبلها في ظل هذه التطورات؟
تسلا، ورغم اعترافها الرسمي بمخاطر هذه الاحتجاجات في ملفها المقدم للسلطات المالية، إلا أنها لم تربط بشكل مباشر بين الاحتجاجات العالمية وبين أعمال التخريب المتفرقة التي استهدفت بعض معارضها ومحطات الشحن التابعة لها.
من جانبه، قال إيلون ماسك في تصريحاته الأخيرة لمستثمري الشركة إن هذه الاحتجاجات تؤثر بوضوح على صورة تسلا، ولكنه بالغ في الادعاء أن المحتجين مدفوعون بأموال خارجية دون تقديم أي دليل على ذلك، وهو ما عرّضه لمزيد من الانتقادات من قبل المتابعين والنقاد.
ردود المحتجين على إعلان تسلا الرسمي
وفي رد فعل من المحتجين، اعتبرت حملة "تسلا تيك داون" (Tesla Takedown)، التي نظمت عدداً من المظاهرات المناهضة لماسك حول العالم، اعتراف تسلا رسمياً بوجودهم وتأثيرهم في ملفات الشركة انتصاراً كبيراً لحملتهم. وأكدت المجموعة في بيان رسمي أن هذه الخطوة تُظهر مدى أهمية التحركات التي نفذوها وأن "الحقيقة باتت تشكل تهديداً حقيقياً" على مصالح تسلا.
من جهة أخرى، أكد ماسك أن مهمته في لجنة ترامب "دوج" لن تتوقف تماماً، لكنه تعهد بتقليل أيام عمله مع اللجنة بحيث يخصص مزيداً من الوقت لتسلا، وهو ما رحب به مستثمرون، مطالبينه بالابتعاد عن السياسة التي باتت تعرض سمعة الشركة لخطر شديد.
خطوات لإطلاق خدمة "روبوتاكسي" قريباً رغم الأزمات
على الجانب التجاري، يبدو أن إدارة تسلا لم تتوقف عن خططها التوسعية والتطويرية. فالشركة تعتزم قريباً إطلاق خدمة تاكسي ذاتية القيادة ("روبوتاكسي") في ولاية تكساس الأمريكية بدءاً من يونيو المقبل. حالياً، بدأت بالفعل الاختبارات الأولية لهذه الخدمة على نطاق مصغر مع عدد من موظفي الشركة في أوستن ومنطقة خليج سان فرانسيسكو. الخدمة حالياً تتم تحت إشراف سائق يسمّى "FSD Supervised" أي نظام القيادة الذاتية الكاملة الخاضعة للإشراف، وهي خطوة مبدئية هامة للشركة قبل الانتشار الأوسع.
ومن المتوقع أن تبدأ الخدمة في يونيو القادم في مدينة أوستن بعدد محدود من سيارات تسلا، إلا أن الشركة لم تعلن بعد عن تفاصيل وصول هذه الخدمة للأسواق الأخرى أو عن موعد توفير الخدمة الذاتية بالكامل بدون سائق مشرف.
في الختام، لا تزال تسلا تتطلع إلى استعادة توازنها واستقرارها، وتركز خططها على تجاوز التحديات الناجمة عن الارتباط السياسي لإيلون ماسك، واحتواء التداعيات المحتملة للاحتجاجات على سمعة العلامة التجارية وإيراداتها مستقبلاً. الأيام القادمة كفيلة بتوضيح ملامح هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها تسلا ومدى قدرتها على الصمود والتكيف.